للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل]

يكتب بعض التجار هذه العبارة (البضاعة المباعة لا تُرد ولا تُستبدل) على لوحة ويعلقها في مكان بارز من متجره وهذه العبارة ليست صحيحة على إطلاقها بل في حكمها التفصيل التالي:

أولاً: تكون عبارة (البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل) صحيحة فيما إذا وقع البيع خالياً من الخيار ومن العيوب فمن المعلوم أن عقد البيع إذا تم بصدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين فهو عقد لازم والعقود اللازمة عند الفقهاء لا يملك أحد المتعاقدين فسخها إلا برضى الآخر إذا لم يكن بينهما خيار لقوله - صلى الله عليه وسلم -: [البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا] رواه البخاري ومسلم.

فإذا اشترى شخص سلعة ولم تكن معيبة ثم ذهب إلى بيته فبدا له أن يُرْجِع السلعة للبائع فلا يملك المشتري ذلك إلا إذا وافق البائع وهذا ما يسمى بالإقالة والإقالة أمر مندوب إليه شرعاً ومرغب فيه وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يقيل البائع المشتري إن ندم على الشراء لأي سبب من الأسباب فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أقال مسلماً أقاله الله عثرته يوم القيامة) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ولكن إن أبى البائع أن يقيل المشتري بيعته فله ذلك وفي هذه الحالة تكون عبارة (البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل) صحيحة ولكن رد السلعة وإقالة المشترى أولى.

ثانياً: تكون عبارة (البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل) باطلة إذا اشترى شخص سلعة ولما رجع إلى بيته وجد فيها عيباً فله كل الحق في رد السلعة وإن شرط البائع عليه أن (البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل).

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [إنه متى عَلِم بالمبيع عيباً لم يكن عالماً به، فله الخيار بين الإمساك والفسخ سواء كان البائع علم العيب وكتمه أو لم يعلم، لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافاً وإثبات النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيار بالتصرية تنبيه على ثبوته بالعيب ولأن مطلق العقد يقتضي السلامة من العيب] المغني ٤/ ١٠٩.

وحديث التصرية الذي أشار إليه الشيخ ابن قدامة المقدسي هو ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاع تمر) والتصرية هي حبس الحليب في الضرع لخداع

<<  <   >  >>