إلى عقار والتربص به، وقد يتربَّصون بها مُدداً طويلة، وعدداً من السنين قد تَصل إلى العَشرات، ثم يبيعونها عندما يَحتاجون إلى قيمتها. وخلال ذلك قد ترتفع قيمتها كما كانوا يتوقَّعون من استمرار ارتفاع قيمة العَقارات في كل مكان تقريباً، وإن لم ترتفع فإنها لا تهبِط، فأنا أفتي في هذه بأنها تزكَّى مرة واحدة عن سنة واحدة حين بيعها، لكنها يجب أن تزكّى على أساس قيمتها الحالية المرتفعة، لا على أساس قيمتها القديمة التي اشتروها بها، فإذا كانت قيمتها قد ارتفعت من البيع عشرة أضعاف مثلاً أو أكثر ـ وهذا واقع كثيرًا في الأراضي ـ فإن زكاتها تَزيد أيضاً عشرة أضعاف عن زكاتها بحسَب قيمتها الأولى التي اشْتُريتْ بها. وفي هذا عدل، كما أنه تيسير على المكلَّف، ودفع للإرهاق عنه، ومثل ذلك التربُّص في البضائع التجارية الكاسدة. وقد نصَّ الفقهاء على أن التاجر إذا أفرزَ بعض أموالِه ليأخذَه إلى بيته لاستعماله فيه، فإن زكاته تتوقَّف منذ ذلك؛ لأنه خرج من نطاق التِّجارة التي تُنَمِّيه، فأصبح بتحويله لاستعماله غيرَ نامٍ، والزكاة إنما هي في المال النامِي فعلاً أو تقديراً كالنقود.
ففي رأيي أن حالة التربُّص ـ خلال مدّة التربُّص ـ تُشبهُ هذه ما دام المُتربِّص لا يُريد بيع المال المتربَّص فيه، بل تركه بمعزِل عن التداول إلى أجل غير محدَّد، فالمال في هذه الحالة أصبح غير نام، أو متوقِّف النماء، كالديون غير المرجوة الوفاء (ولو أَنّها كانت أثمانًا لمَبيعات رابحة، وليست قروضًا حسنة) فإنها بانقطاع الأمل من استيفائها خرجت عن أن تكونَ ناميةً ولو تَقديراً. هذا ما أراه ـ أيها الأخ الكريم ـ وأرجو من فضله ـ تعالى ـ أن يكون صوابا مُتَّفِقًا مع مقاصد الشريعة] فتاوى الشيخ العلامة مصطفى الزرقا ص ١٣٥ - ١٣٦.
وخلاصة الأمر أن البضائع إذا كسدت وبارت وكانت كثيرة وصار الأمل ضعيفاً جداً في بيعها فلا زكاة فيها حتى يتم بيعها فإذا بيعت زكيت عن سنة واحدة فقط ولو مضى على بوارها سنوات وأما البوار والكساد القليل فلا يمنع الزكاة.