أمامة ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلّمك كلاماً إذا قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ فقال: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وأمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من البخل والجبن وأعوذ بك من غلبة الدَّين وقهر الرجال. قال: فقلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني) رواه أبو داود.
فلا ينبغي لأحد من الناس أن يتساهل في الدَّين وخاصة أن الإنسان قد يموت وهو مدين ويكون بذلك على خطرٍ عظيم لأن نفس المؤمن تكون معلَّقة بدينه، فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(نفس المؤمن معلَّقة بدينه حتى يقضى عنه) رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن، ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال:(توفي رجل فغسّلناه وكفّناه وحنّطناه ثم أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه؟ فخطا نحوه خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران عليَّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس، فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الآن برّدْت جلدته) رواه أحمد بإسناد حسن كما قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب ٢/ ٥٩١.
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمتنع عن الصلاة عمَّن عليه دين حتى يقضى دينه فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدَّين فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلّى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي وعليه دين فعليَّ قضاؤه ومن ترك مالاً فهو لورثته) رواه مسلم.
ويجب أن يعلم أن هؤلاء الذين يتلاعبون بأموال الناس ويماطلون في تسديد الدَّين أن المماطلة في أداء الدَّين محرمة مع القدرة على الأداء فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:(مطل الغني ظلم) متفق عليه.