الله فسكت وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه فقال عمر: أدياه فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً فقال عمر: قد جعلته قراضاً فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال) ورواه الدارقطني أيضاً، قال الحافظ ابن حجر وإسناده صحيح، نيل الأوطار ٥/ ٣٠٠، وانظر الاستذكار ٢١/ ١٢٠.
وقد وردت آثار أخرى عن الصحابة كعلي وابن مسعود وابن عباس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، قال الشوكاني:[فهذه الآثار تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير إجماعاً منهم على الجواز] نيل الأوطار ٥/ ٣٠٠ - ٣٠١.
ويشترط لصحة المضاربة أن يكون نصيب كل من المتعاقدين من الربح معلوماً على أن يكون جزءاً مشاعاً كنسبة مئوية ١٠% أو ١٥% أو ٤٠% على حسب ما يتفقان. قال ابن المنذر:[أجمع أهل العلم على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو يجمعان عليه بعد أن يكون ذلك معلوماً جزءاً من أجزاء] المغني ٥/ ٢٣.
ولا يجوز أن يكون الربح مبلغاً محدداً فإن حصل ذلك أدى ذلك إلى فساد عقد المضاربة.
ومن الأمور المهمة في عقد المضاربة أن الخسارة إن حصلت يتحملها صاحب المال دون العامل لأن العامل يخسر جهده وعمله، إلا إذا كانت المضاربة مقيدة ومشروطة بشرطٍ محدد، فخالف العامل ذلك الشرط فإنه حينئذٍ يضمن، كأن يشترط صاحب المال على العامل ألا يتاجر بالسيارات مثلاً، فتاجر العامل بالسيارات فخسر فحينئذٍ فإن العامل ضامن لأنه خالف الشرط الذي اتفق عليه.
ولا بد من تحديد نصيب كل من الشريكين أو الشركاء من الربح نصاً صريحاً يمنع النزاع والخلاف وليكون كل منهم على بصيرة من الأمر.
وأخيراً أنبه على أنه يجوز توقيت المضاربة بمدة معينة على الراجح من أقوال العلماء وهو قول الحنفية والحنابلة قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ويصح تأقيت المضاربة مثل أن يقول: ضاربتك على هذه الدراهم سنة فإذا انقضت فلا تبع ولا تشتر قال مهنا: سألت أحمد عن رجل أعطى رجلاً ألفا مضاربة شهراً قال: إذا مضى شهر يكون قرضاً قال: لا بأس به ... ] المغني ٥/ ٥٠، وانظر الاختيار لتعليل المختار ٣/ ٢١.