للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح. وتجارة الصحابة فيها معروفة، وخاصة المهاجرين؛ كما قال أبو هريرة: وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق؛ خرجه البخاري] تفسير القرطبي ١٣/ ٤ - ٥.

وقال تعالى: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} سورة الفرقان الآية ٢٠.

قال الإمام القرطبي: [قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ} نزلت جواباً للمشركين حيث قالوا: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} سورة الفرقان الآية ٧. وقال ابن عباس: لمّا عيّر المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفاقة وقالوا: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} الآية، حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك فنزلت تعزية له؛ فقال جبريل عليه السلام: السلام عليك يا رسول الله! الله ربك يقرئك السلام ويقول لك: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} أي يبتغون المعايش في الدنيا ... هذه الآية أصل في تناول الأسباب وطلب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك ... وقال: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} قال العلماء: أي يتجرون ويحترفون ... وكان الصحابة رضي الله عنهم يتجرون ويحترفون وفي أموالهم يعملون] تفسير القرطبي ١٣/ ١٢ - ١٤.

وعن مجاهد عن السائب بن أبي السائب أنه كان يشارك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام في التجارة فلما كان يوم الفتح جاءه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مرحباً بأخي وشريكي، كان لا يداري ولا يماري، يا سائب قد كنت تعمل أعمالاً في الجاهلية لا تقبل منك وهي اليوم تقبل منك وكان ذا سلف وصلة) رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد.

وذكر ابن هشام تحت عنوان [خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى الشام في تجارة خديجة وما كان من بحيرى].

قال ابن إسحاق: وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال. تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم وكانت قريش قوماً تجاراً; فلما بلغها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بلغها، من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام ثم باع رسول

<<  <   >  >>