للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن خطأ ونسيان فإذا ارتاب المتعاملان واختلفا ولا شيء يُرجع إليه في إزالة الريبة ورفع الخلاف من كتابة أو شهود أساء كل منهما الظن بالآخر ولم يسهل عليه الرجوع عن اعتقاده إلى قول خصمه فلج خصامه وعدائه وكان وراء ذلك من شرور المنازعات ما يرهقهما عسراً ويرميهما بأشد الحرج وربما ارتكبا في ذلك محارم كثيرة. تفسير المنار ٣/ ١٣٤ بتصرف.

وكتابة الدَّين وتوثيقه تعود بالمنفعة على الناس من عدة وجوه:

١. صيانة الأموال وقد أمرنا بصيانتها ونهينا عن إضاعتها.

٢. قطع المنازعة فإن الوثيقة تصير حَكَماً بين المتعاملين ويرجعان إليها عند المنازعة، فتكون سبباً لتسكين الفتنة ولا يجحد أحدهما حق صاحبه مخافة أن تخرج الوثيقة وتشهد الشهود عليه بذلك فينفضح أمره بين الناس.

٣. التحرز عن العقود الفاسدة لأن المتعاملين بها ربما لا يهتديان إلى الأسباب المفسدة للعقد ليتحرزا عنها فيحملهما الكاتب على ذلك إذا رجعا إليه ليكتب.

٤. رفع الارتياب فقد يشتبه على المتعاملين إذا تطاول الزمان مقدار البدل ومقدار الأجل فإذا رجعا إلى الوثيقة لا يبقى لواحد منهما ريبة] الموسوعة الفقهية ١٤/ ١٣٥.

ويجب التنبيه على أن كاتب الديون أو العقود بين الناس لا ينبغي أن يكون أحد المتعاقدين حتى يكون أقرب للعدل المشار إليه في قوله تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}.

قال القرطبي: [قوله تعالى: {بِالْعَدْلِ} أي بالحق والمعدلة أي لا يكتب لصاحب الحق أكثر مما قاله ولا أقل وإنما قال: {بَيْنَكُمْ} ولم يقل أحدكم لأنه لما كان الذي له الدَّين يهتم في الكتابة الذي عليه الدَّين وكذلك بالعكس شرع الله سبحانه وتعالى كاتباً غيرهما يكتب بالعدل لا يكون في قلبه ولا قلمه موادة لأحدهما على الآخر] تفسير القرطبي ٣/ ٣٨٣.

وأخيراً فينبغي الإشارة إلى قوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} إن المدين - الذي عليه الحق - هو الذي يملي على الكاتب اعترافه بالدَّين ومقدار الدَّين وشرطه وأجله، ذلك خيفة أن يقع الغبن

<<  <   >  >>