سفيان، ولا أدري لعله قد ذكره عن مالك أيضاً، وكذلك هو عندي غير مجزئ عن صاحبه، لخلال اجتمعت فيه: أما إحداها: فإن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة كانت على خلاف هذا الفعل، لأنه إنما كان يأخذها من أعيان المال عن ظهر الأغنياء ثم يردها في الفقراء، وكذلك كانت الخلفاء بعده ولم يأتنا عن أحد منهم أنه أذن لأحد في احتساب دين من زكاة، وقد علمنا أن الناس قد كانوا يدانون به في دهرهم -أي يتداينون-.
الثانية: أن هذا المال ثاوٍ -أي هالك أو ضائع- غير موجود قد خرج من يد صاحبه على معنى القرض والدَّين، ثم هو يريد تحويله بعد الثواء - الهلاك - إلى غيره بالنية، فهذا ليس بجائز في معاملات الناس بينهم حتى يقبض ذلك الدَّين ثم يستأنف الوجه الأخر فكيف يجوز فيما بين العباد وبين الله عز وجل.
الثالثة: أني لا آمن أن يكون إنما أراد أن يقي ماله بهذا الدَّين قد يئس منه فيجعله ردءاً لماله يقيه به إذا كان منه يائساً ... وليس يقبل الله تبارك وتعالى إلا ما كان له خالصاً] الأموال ص٥٣٣ - ٥٣٤.
وبهذا يظهر لنا أنه لا يجوز إسقاط الدَّين واحتسابه من الزكاة.