وقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز صرف الزكاة إلا لهذه الأصناف التي ذكرت في الآية الكريمة ولكنهم اختلفوا بعد ذلك هل يجب استيعاب هذه المصارف؟ أم أنه يجوز الصرف لبعض هذه المصارف دون بعض. والذي عليه أكثر أهل العلم أنه لا يجب صرف الزكاة لجميع الأصناف المذكورين في الآية ويجوز صرفها إلى صنف واحد وهذا قول الحنفية والمالكية والحنابلة ومنقول عن جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين.
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي شارحاً قول الخرقي:[وإن أعطاها كلها في صنف واحد أجزأه] وجملته أنه يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية ويجوز أن يعطيها شخصاً واحداً وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس وبه قال سعيد بن جبير والحسن والنخعي وعطاء وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي] المغني ٢/ ٤٩٨ - ٤٩٩.
وقال الإمام النووي:[وقال الحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير والضحاك والشعبي والثوري ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأبو عبيد له صرفها إلى صنف واحد قال ابن المنذر وغيره وروي هذا عن حذيفة وابن عباس قال أبو حنيفة وله صرفها إلى شخص واحد من أحد الأصناف قال مالك ويصرفها إلى أمسهم حاجة وقال إبراهيم النخعي إن كانت قليلة جاز صرفها إلى صنف وإلا وجب استيعاب الأصناف] المجموع ٦/ ١٨٦.
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية قول الإمام أبي جعفر الطبري:[عامة أهل العلم يقولون: للمتولي قسمتها ووضعها في أي الأصناف الثمانية شاء وإنما سمى الله الأصناف الثمانية إعلاماً منه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف إلى غيرها لا إيجاباً لقسمتها بين الأصناف الثمانية وروى بإسناده عن حذيفة وعن ابن عباس أنهما قالا: إن شئت جعلته في صنف أو صنفين أو ثلاثة. قال وروى عن عمر أنه قال: أيما صنف أعطيته أجزأك وروى عنه أنه كان عمر يأخذ الفرض في الصدقة فيجعله في الصنف الواحد وهو قول أبي العالية وميمون بن مهران وإبراهيم النخعي] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢٥/ ٤٠.
ويدل لما ذهب إليه جمهور أهل العلم من جواز إعطاء صنف واحد من أصناف الزكاة وأنه لا يجب تعميمها على الأصناف الثمانية ما قاله القرطبي: [وتمسك علماؤنا بقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} سورة البقرة الآية ٢٧١. والصدقة متى أطلقت