والشاهد في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع الزكاة إلى صنف واحد بل إلى شخص واحد من مصرف واحد وهو مصرف الغارمين وأما حديث سلمة بن صخر البياضي فقد جاء فيه أنه قد ظاهر من زوجته ثم واقعها ثم ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب عونه في الكفارة فقال له رسول الله:(انطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك) رواه أبو داود والترمذي وقال الترمذي حديث حسن. والشاهد في هذا الحديث كسابقه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بدفع الزكاة لصنف واحد بل لشخص واحد.
وخلاصة الأمر في هذه المسألة أنه يجب أخذ الأمور الآتية بالاعتبار عند توزيع الزكاة من قبل لجان الزكاة أو من الأفراد:
أولاً: إذا كان مال الزكاة كثيراً فينبغي تعميم المال على المصارف الثمانية إذا وجدت. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[فإن المستحب صرفها إلى جميع الأصناف أو إلى من أمكن منهم لأنه يخرج بذلك عن الخلاف ويحصل الإجزاء يقيناً] المغني ٢/ ٤٩٩. وهذا ما رجحه د. يوسف القرضاوي إذا كانت الزكاة توزع من قبل إمام المسلمين.
ثانياً: إذا كان المال قليلاً فيعجبني ما ذهب إليه إبراهيم النخعي حيث قال: [إذا كان المال ذا مز -أي ذا فضل وكثرة- ففرقه في الأصناف وإذا كان قليلاً فأعطه صنفاً واحداً] الأموال ص ٦٨٩.
فإذا كان لدى شخص ألف دينار فزكاتها خمسة وعشرون ديناراً فأرى له أن يعطيها فقيراً واحداً أو مسكيناً واحداً ولا أرى له أن يفرقها لقلة النفع بها حينئذ.
ثالثاً: إذا كان في أحد الأصناف الثمانية حاجة ماسة وظاهرة فينبغي العناية بالصرف إليه وهذا ما ذهب إليه الإمام مالك حيث إنه يرى أنه إن وجدت الأصناف كلها فينبغي إيثار أهل الحاجة. الذخيرة ٣/ ١٤٩.
رابعاً: قال د. يوسف القرضاوي: [ينبغي أن يكون الفقراء والمساكين هم أول الأصناف الذين تصرف لهم الزكاة، فإن كفايتهم وإغنائهم هو الهدف الأول للزكاة حتى إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر في حديث معاذ وغيره إلا هذا المصرف:(تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) وذلك لما لهذا المصرف من أهمية خاصة] فقه الزكاة ٢/ ٦٩٣.