للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفًا أو ينقص حرفًا، فقد اتفق العلماء على تحريمه. (١)

٥ - ابن الجوزي

وابن الجوزي يعتبره من خوارم المروءة المسقطة للعدالة، حيث يقول -رحمه الله-:

التلحين في القراءة، تلحين الغناء والشَّعر. وهو مسقط للعدالة ومن أسباب رد الشهادة، قَضَاءً. وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع على أيدي الموالي.

ومن أغلظ البدع في هذا تلكم الدعوة الإلحادية إلى قراءة القرآن على إيقاع الأغاني مصحوبة بالآلات والمزامير. (٢)

وقال في موضع آخر:

فأما الألحان التي يصنعها قراء هذا الزمان فمكروهة عند العلماء لأنها مأخوذة من طرائق الغناء. (٣)

وقال في موضع آخر- أيضًا-رحمه الله-:

وأما ما أحدث بعدهم - يعني السلف - من تكلف القراءة على ألحان الغناء، فهذا يُنهى عنه عند جمهور العلماء؛ لأنه بدعة. (٤)

٦ - أبو العباس القرطبي

وقال أبو العباس القرطبي (ت: ٦٥٦ هـ) في "كشف القناع": -

كيفية قراءة القرآن نُقلت إلينا نقلاً متواترًا، وليس فيها شيء مِمَّا يُشبه التلحين، ولا أساليب إنشاد الأشعار، فينبغي ألاّ يُجَوَّزَ غيْرُها، وإنَّما قلنا ذلك، لأنَّا قرأنا القرآن على مشايِخِنَا، وهم العدد الكثير، والجمُّ الغفير، ومشايخنا على مشايخهم، وهكذا إلى العصر الكريم، وتلقينا عنهم كيفية قراءته بالمشافهة، فلو كان التلحين فيه مشروعًا لتعلَّموه من مشايخهم، ولنقلوه عنهم، كما نقلوا عنهم المدَّ والقصر، وما بيْن اللفظين، والإمالة والفتح والإدغام والإظهار، وكيفية إخراج الحروف من مَخارجها، فإنه لَمَّا نقله الخلف عن السلف وعلَّموا عليه، اتصل ذلك لنا وتلقيناه عنهم، وهذا جاء مع توفر الدواعي على النقل وكثرة المتعمقين من القرَّاء الغالين في كيفية قراءته، ومع ذلك فلم يُنقل عن أحد من القرَّاء المشاهير، ولا عن الرواة عنهم شيء من ذلك، فدَلَّ ذلك على أنَّ تلحين القرآن ما كان معروفًا عندهم، ولا معمولاً به فيما بيْنهم، فوجب ألاّ يُعمل به، ولا يُعرَّج عليه، فإنه أمرٌ مُحْدَثٌ، وكلُّ مُحْدَثٍ بدعةٌ، "وكل بدعة ضلالة" (٥)،. (٦).


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٦٥).
(٢) -تلبيس إبليس (ص: ١١٣ - ١١٤)
(٣) - كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (١/ ٢٦٩)
(٤) - المرجع السابق (٣/ ٣٠٤ - ٣٠٥).
(٥) - صححه الألباني في صحيح أبي داود (٤٦٠٧)
(٦) - كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص ١١٣).

<<  <   >  >>