للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا يحسنون القرآن بأصواتهم من غير أن يتكلّفوا أوزان الغناء مثل ما كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يفعل. (١)

وقال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ) -رحمه الله- حين تكلم عن حرمة القرآن:

ومن حرمته ألا يقعر في قراءته كفعل هؤلاء الهمزيين المبتدعين والمتنطعين في إبراز الكلام من تلك الأفواه المنتنة تكلفًا فإن ذلك محدث ألقاه إليهم الشيطان فقبلوه عنه ومن حرمته ألا يقرأه بألحان الغناء كلحون أهل الفسق. (٢)

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: ٢٢٤ هـ) -رحمه الله-:

وعلى هذا تُحمل هذه الأحاديث التي ذكرناها في حُسن الصوت، إنَّما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق، يُبَيِّنُ ذلك حديث أبي موسى: أن أزواج النبي صَلَّى الله عليه وسلم استمعن قراءته، فأُخْبِرَ بذلك، فقال: (لو علمت لشوَّقت تشويقًا، أو حبّرت تَحبِيْرًا. فهذا وجهه لا الألحان المطرِبة الملهية (٣).

[المطلب الخامس: إجماع السلف على تحريم قراءة القرآن بالألحان الموسيقية]

ولقد أجمع السلف على تحريم قراءة القرآن بالألحان الموسيقية، وقد نُقِلَ الإجماعُ عن جمع من أهل العلم، ومنعه على الإطلاق آخرون، منهم:

١ - ابن القيم وابن تيمية: وقد مر بنا كلامهما آنفًا

٢ - ابن رجب الحنبلي:

وقد نقل ابن رجب في "نزهة الأسماع" إجماع السلف- كذلك- على تحريم قراءة القرآن بالألحان الموسيقية عن أبي عبيد وغيره من الأئمة، فقال: وأنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعًا، ولم يُثبت فيه نزاعًا؛ منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة. (٤)

٣ - ابن سرين:

ومما حكى هذا الإجماع- كذلك- محمد بن سيرين (ت: ١١٠ هـ) حيث يقول:

كانوا يرون هذه الألحان في القرآن محدثة. (٥)، وقوله: "كانوا" يعني به الصحابة والتابعين.

٤ - ابن كثير:

وقال الحافظ ابن كثير- رحمه الله- في مقدمة تفسيره - بعد أنّ ذكر كلام السلف في النهي عن قراءة الألحان-:

وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو


(١) -جامع المسائل: (٣/ ٣٠٤).
(٢) - تفسير القرطبي (١/ ٢٩).
(٣) فضائل القرآن، لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص ١٦٤).
(٤) نزهة الأسماع (ص: ٧٠).
(٥) - رواه الدارمي (٣٥٤٦).

<<  <   >  >>