للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه، وتلك شيمة الكرام، وفي الحديث الصحيح: «من أهدى لكم فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له» (١).

* الوجه السادس: استثنى العلماء صوراً عدة تمنع من قبول الهدية، منها: أن يهدي لمسؤولٍ كي يعطيه شيئاً لا يستحقه، أو يتجاوز عن شيء ليس له أن يتجاوز عنه، فهذه رِشوة محرمة، لا يجوز إعطاؤها ولا قبولها.

كما أنه لا يجوز إعطاء المسؤول هدية على واجبه سداً لباب الرشوة.

ومما يدل على هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي، قال: استعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً من الأسد، يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا لي، أُهدي لي، قال: فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: «ما بال عامل أبعثه، فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه، أو في بيت أمه، حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر»، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: «اللهم، هل بلغت؟» مرتين (٢).

قال النووي رحمه الله: «أَخْذُ القاضي أو العامل (٣) هدية محرمة، يلزمه ردها إلى مهديها، فإن لم يعرفه وجب عليه أن يجعلها في بيت المال» (٤).


(١) رواه أحمد في «المسند» (٥٧٠٣)، وقال شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره.
(٢) «صحيح البخاري» (٦٩٧٩)، «صحيح مسلم» (١٨٣٢) واللفظ له.
(٣) المقصود بالعامل: القائم على الأمر، كالموظف والمسؤول.
(٤) «شرح صحيح مسلم» للنووي ١٢/ ١١٤.

<<  <   >  >>