للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

(بهون موت): أي بموت سهل هين ليس فيه شدة.

* الوجه الرابع: مقصود عائشة -رضي الله عنها-: أن الميتة السهلة الهينة لو كانت كرامة لأحد لكان أحق الناس بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان قد أصابه في موته شدة ووجع شديد، وهو خير خلق الله، وأحبهم إلى الله تبارك وتعالى.

ومن الأحاديث الدالة على شدة الوجع الذي أصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عند موته: ما ثبت عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُوْعَكُ وعكاً شديداً، فمسسته بيدي فقلت: يا رسول الله، إنك لتُوْعَكُ وعكاً شديداً؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أجل، إني أُوْعَكُ كما يُوْعَك رجلان منكم»، فقلت: ذلك أن لك أجرين؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أجل»، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من مسلم يصيبه أذى، مرض فما سواه، إلا حط الله له سيئاته، كما تَحط الشجرة ورقها» (١).

وثبت عن عائشة -رضي الله عنها- في قصة موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيها: وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه، يقول: «لا إله إلا الله، إن للموت سكرات»، ثم نصب يده، فجعل يقول: «في الرفيق الأعلى» حتى قُبض ومالت يده (٢).

* الوجه الخامس: دل الحديث على أن للموت شدة، وأنها أشد ما تكون على نفوس أحباب الله، من أنبيائه وأوليائه وأصفيائه، كما وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم-.


(١) «صحيح البخاري» (٥٦٦٠).
(٢) «صحيح البخاري» (٤٤٤٩).

<<  <   >  >>