للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه السادس: قال الإمام القرطبي رحمه الله: «لتشديد الموت على الأنبياء فائدتان، إحداهما: تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً بل هو كما جاء أن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. والثانية: أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت وأنه باطن، وقد يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة ولا قلقاً، ويرى سهولة خروج روحه، فيظن سهولة أمر الموت ولا يعرف ما الميت فيه، فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم شدة ألمه مع كرامتهم على الله تعالى، قطع الخلق بشدة الموت، الذي يقاسيه الميت مطلقاً لإخبار الصادقين عنه» (١).

* الوجه السابع: قوله -صلى الله عليه وسلم- عند موته «لا إله إلا الله إن للموت سكرات»، يدل على أنه يجوز للإنسان أن يشكو لزوجه أو لصديقه أو طبيبه ما يعانيه من شدة أو ألم أو مرض، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول لعائشة -رضي الله عنها-: «لا إله إلا الله إن للموت سكرات»، فاشتكى من سكرات الموت، وأما ما روي عن بعض العلماء: «أن تأوه المريض مكروه»، فقد قال النووي: هذا ضعيف أو باطل، فإن المكروه ما ثبت فيه نهي مخصوص، وهذا لم يثبت فيه ذلك.

والحاصل أن إخبار المريض عن مرضه لا بأس به، وهو لا ينافي الرضا بقضاء الله وقدره، فكم من شاكٍ وهو راض، وكم من ساكت وهو ساخط، والمعول في ذلك على عمل القلب اتفاقاً، لا على نطق اللسان (٢).

* * *


(١) نقله عنه السيوطي في «شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور» ص ٤٢.
(٢) «فتح الباري» ١٠/ ١٢٥، «منار القاري» لحمزة قاسم ٥/ ٢٥.

<<  <   >  >>