للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونوقش هذا: بأنه لا دليل عليه لغة ولا شرعاً، وظاهر الأحاديث يدل على أن الحلة كانت كلها حمراء (١).

قالوا: وأما استدلال المانعين بالنهي عن المعصفر، فقد اختلف في علة هذا النهي، فقيل: المعصفر من زينة النساء، وقيل: النهي خاص بالمعصفر وليس كل أحمر، وقيل: تحمل أحاديث النهي على الكراهة، وأحاديث الحلة الحمراء على الجواز.

والحاصل أن لبس الأحمر فيه خلاف كبير بين العلماء، وقد حكى الحافظ ابن حجر في الفتح (٢) سبعة أو ثمانية أقوال في المسألة، ونَسَبَ إلى جمع من الصحابة والتابعين القول بالجواز مطلقاً، فمثل هذه المسألة مما لا ينبغي التشديد فيها، لقوة الخلاف وتعارض الأدلة.

ويعجبني في هذه المسألة قول الإمام الطبري: «الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون، إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعاً بالحمرة، ولا لبس الأحمر مطلقاً ظاهراً فوق الثياب، لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا، فإن مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثماً، وفي مخالفة الزي ضرب من الشهرة» (٣).

فيفهم من كلام الإمام الطبري؛ أن الأصل في لبس الأحمر الجواز، إلا إذا خالف عرف الناس فيمنع لأجل الشهرة، والعرف قد يتغير من زمان إلى زمان، وليس فيه حكم مضطرد.


(١) «أشرف الوسائل» ص ٥٢.
(٢) «فتح الباري» ١٠/ ٣٠٥.
(٣) «فتح الباري» ١٠/ ٣٠٦.

<<  <   >  >>