للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأما المسألة الثالثة، وهي: كَون "صِيام ثلاثة أيّام من كل شهر تَعدل صيام الشهر" (١)، فقد ذُكر في هذا الحديث سَببه، وهو أن الحسنة بعشر أمثالها (٢)، فهو يعدل صيام الشهر غير مُضاعف لثواب الحسنة بعشر أمثالها، فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر، وحافظ على ذلك، فكأنه صام الدّهر كله.

ونَظير هذا: قوله في الحديث الصحيح: "من صام رمضان، وأتبعه بستٍّ من شَوال، فكأنّما صام الدّهر" (٣) فإن الحسنة بعشر أمثالها.

وفي كونها من شوال سِرّ لَطيف، وهو: أنها تَجري مجرى الجُبْران لرمضان، وتَقضي ما وقع فيه من التقصير في الصوم، فتجري مجرى سُنّة الصلاة بعدها، ومَجرى سجدتي السهو، ولهذا قال: "وأتبعه" أي ألحقه بها.

وقد استدلّ بهذا من يَستحبّ، أو يُجوّز صيام الدّهر كله، ما عدا العيدين وأيام التشريق، ولا حُجّة له، بل هو حُجّة عليه، فإنه لا يلزم من تشبيه العمل بالعمل إمكان وقوع المشبّه به فضلًا عن كونه مشروعًا.

ولهذا جُعل صيام ثلاثة أيام من الشّهر، وصيام رمضان، وإتباعه بستٍّ من شوال: يَعدل صيام ثلاثمائة وستين يومًا، وذلك حرامٌ غير جائزٍ


(١) رواه البخاري (١٩٧٨ - ١٩٨١)، ومسلم (٢٧٣٨، ٢٧٨٤).
(٢) كما قال تعالى في سورة الأنعام، آية (١٦٥): ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾.
(٣) رواه مسلم (٢٧٥٠)، وأبو داود (٢٤٣٣)، والترمذي (٧٥٩)، وابن ماجة (١٧١٦). واللفظ لأبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>