للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومنها: ما يَقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطلٌ.

مثل حديث: "وَضع الجزية عن أهل خيبر" وهذا كذب، من عدة وُجوه (١):

أحدها: أن فيه شهادة سعد بن معاذ، وسعد قد توفي قبل ذلك في غَزاة الخندق.

الثاني: أن فيه: "وكتبه معاوية بن أبي سفيان" هكذا، ومعاوية إنما أسلم زمن الفتح، وكان من الطُّلقاء.

الثالث: أن الجزية لم تكن نزلت حينئذٍ، ولا يَعرفها الصحابة، ولا العرب، وإنما أنزلت بعد عام تبوك، حين وَضعها النبي ﷺ على نصارى نجران، ويهود اليمن، ولم تُؤخذ من يهود المدينة؛ لأنهم وادعوه قبل نزولها، ثم قَتل من قَتلِ منهم، وأجلى بقيتهم إلى خيبر وإلى الشام، وصالحه أهل خيبر قبل فرض الجزية، فلما نزلت آية الجزية استقرّ الأمر على ما كان عليه، وابتدأ ضربها على من لم يَتقدّم له معه صُلح، فمن هاهنا وقعت الشبهة في أهل خيبر.

الرابع: أن فيه: "وضع عنهم الكُلَف والسُّخَر" ولم يكن في زمانه كُلف ولا سُخر، ولا مُكوس.

الخامس: أنه لم يجعل لهم عهدًا لازمًا، بل قال: "نُقرُّكم ما


(١) انظر: أحكام أهل الذمة، للمؤلف (١/ ٧ - ٩)، وفيه تكذيب لهذا الحديث من وجوه عشرة أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>