للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومنها: أن يكون الحديث ممّا تَقوم الشواهد الصحيحة على بُطلانه. كحديث عُوج بن عُنق (١) الطويل (٢)، الذي قَصَد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء، فإنهم يجترئون على هذه الأخبار.

فإن في هذا الحديث: أنّ طوله كان ثلاثة آلاف ذراع، وثلاث مئة وثلاثة وثلاثين وثلثًا، وأن نوحًا لما خَوّفه الغَرَق قال له: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر فوصل إلى حُجزته، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى، وأراد أن يرضّهم بها، فطوّقها الله في عُنقه مثل الطوق.

وليس العَجب من جُرأة مثل هذا الكذاب على الله، إنّما العَجب ممّن يُدخل هذا الحديث في كُتب العلم، من التفسير وغيره، ولا يُبيّن أمره.

وهذا عندهم ليس من ذرية نوح، وقد قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)[الصافات: ٧٧].

فأخبر أن كُل من بَقي على وَجه الأرض من ذُرية نوح، فلو كان لعُوج وجود، لم يبق بعد نوح.

وأيضًا فإن النبي قال: "خلق الله آدم، وطوله في السماء ستون


(١) ينظر: القاموس وشرحه تاج العروس حول اسم والد عوج، وهل هو عنق، أو عوق؟
(٢) للسيوطي رسالة في خبر عوج اسمها "الأوج في خبر عوج" في الحاوي للفتاوي (٢/ ٥٨٦) أورد فيها كلام ابن القيم هذا كاملًا وعزاه له.

<<  <  ج: ص:  >  >>