نقرأ في هذا الكتاب أنه ليس من عمل صاحبه، وإنما هو قول رسول كريم، ذي قوة عند ذي العرش مكين، مطاع ثَمَّ أمين: ذلكم هو جبريل عليه السلام، تلقاه من لدن حكيم عليم، ثم نزله بلسان عربي مبين على قلب محمد (صلى الله عليه وسلم) ، فتلقنه محمد منه كما يتلقن التلميذ عن أستاذه نصاً من النصوص، ولم يكن له فيه من عمل بعد ذلك إلا:
١) الوعي والحفظ، ثم
٢) الحكاية والتبليغ، ثم
٣) البيان والتفسير، ثم
٤) التطبيق والتنفيذ.
أما ابتكار معانيه وصياغة مبانيه فما هو منها بسبيل، وليس له من أمرهما شيء، إن هو إلا وحيٌ يوحى.
هكذا سماه القرآن حيث يقول:{وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها، قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي}[الأعراف: ٢٠٣] ، ويقول:{قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، إن اتبع إلا ما يوحى إلي}[يونس: ١٥] وأمثال هذه النصوص كثيرة في شأن إيحاء المعاني، ثم يقول في شأن الإيحاء اللفظي:{إنا أنزلناه قرآناً عربياً}[يوسف: ٢] ، {سنقرئك فلا تنسى}[الأعلى: ٦] ، {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه}[القيامة:١٦ -١٩] ، (اقرأ) ( [العلق:١] ، {واتل}[الكهف: ٢٧] ، {ورتل}[المزمل: ٤] فانظر كيف عبر بالقرآن بالقراءة والإقراء، والتلاوة والترتيل، وتحريك اللسان، وكون الكلام عربياً، وكل أولئك من عوارض الألفاظ لا المعاني البحتة.