للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على صدقه؛ إذ الكاذب لا يتأخر في افتراء الكذب عند الحاجة الماسة إليه، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

أ-عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث , وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة , فقالوا لهم: سلوهم عن محمد , وصفوا لهما صفته , وأخبروهم بقوله؛ فإنهم أهل الكتاب الأول , وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , ووصفوا لهم أمره وبعض قوله وقالا: إنكم أهل التوراة , وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا. قال: فقالوا لهم: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن , فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإلا فرجل متقول فتروا فيه رأيكم؛ سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم , فإنهم قد كان لهم حديث عجب، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه، وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه , وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم. فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش , فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد , قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور. فأخبروهم بها فجاءوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فقالوا: يا محمد أخبرنا فسألوه عما أمروهم به , فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «أخبركم غدا عما سألتم عنه» ولم يستثن فانصرفوا عنه ومكث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمس عشرة ليلة , لا يُحْدِثُ الله له في ذلك وحيًا, ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام حتى أرجف أهل مكة , وقالوا: وعدنا محمد غدًا , واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا

<<  <   >  >>