للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فماذا كان يمنعه - لو أن أمر القرآن إليه - أن يتقول هذه الكلمات الحاسمة من قبل؛ ليحمي بها عرضه , ويذب بها عن عرينه , وينسبها إلى الوحي السماوي , لتنقطع ألسنة المتخرصين؟ ولكنه ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله {ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} [سورة الحاقة الآيات: ٤٤- ٤٧] (١) .

ج-لقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتحرق شوقا إلى تحويل القبلة إلى الكعبة، وظل يقلب وجهه في السماء ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا , لعل الوحي ينزل عليه بتحويل القبلة إلى البيت الحرام , ولكن رب القرآن لم ينزل في هذا التحويل قرآنا ,على الرغم من تلهف رسوله الكريم إليه إلا بعد قرابة عام ونصف العام (٢) .

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ... ) (٣) .

ولو كان الوحي من تأليف النبي (صلى الله عليه وسلم) , لما تأخر كل هذه المدة لشيء يحبه ويشتهيه ويتشوف إليه ويتحرق شوقا له، ولكنه وحي الله ولا ينزل إلا بأمر الله وإذنه.


(١) النبأ العظيم، ص: ٢٠) .
(٢) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن، للحكيم (ص:٥٦) .
(٣) متفق عليه (البخاري: كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، رقم:٣٩٩،ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، رقم:٥٢٥) .

<<  <   >  >>