للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤمنون إيمانا كاملا بأن موسى عليه السلام قد تلقى التوراة من الله تعالى مباشرة من غير واسطة؟

١٣-وانظر إلى هذا التناقض؛ تارة يصفون النبي (صلى الله عليه وسلم) بأنه عبقري , وفنان موهوب, وملهم (١) استطاع بذكائه الشديد أن يصنع هذا الدين والقرآن، وتارة يقولون هو, مجنون , أو مصروع ,أو مهووس (٢) ؛ ألا ترى كيف أوقعهم بغضهم للحق في هذه المضحكات؟

وتأمل كيف استطاعت خديجة - رضي الله عنها- بفطرتها البسيطة أن تعرف أن ما يأتي النبي (صلى الله عليه وسلم) ليس شيطانا وجنونا ولا هَوَساً حين قالت: (كلا واللهِ لا يُخزِيكَ اللهُ أبداً؛ إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ وتحمل الكلَّ , وتُكْسِبُ المعدومَ وتُقْرِِِي الضَّيْفَ وتُعِينُ على نوائبِ الحقَّ) (٣) .

فما أبعد هذا الكمال الإنساني عن الهوس الذي قد يملي على صاحبه مواقف غريبة وأفعالا منكرة ينبو عنها الذوق السليم، لذلك فإن بعضهم لا يملك نفسه عندما يقرأ سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) وما يأمر به إلا أن يسلم بنبوته؛

يقول توماس كارلايل (٤) : (هل رأيتم قط رجلا كاذبا يستطيع أن يوجد دينا عجيبا؟ إنه لا يقدر أن يبني بيتا من الطوب، فهو لم يكن عليما بخصائص الجير والجص والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي


(١) انظر القرآن والمستشرقون لنقرة (ص:٢٨) .
(٢) انظر كتاب رؤية إسلامية للإستشراق، لأحمد غراب، ص:١٥، وانظر: القرآن والمستشرقون لنقرة (ص:٢٩) .
(٣) متفق عليه (البخاري: كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، رقم:٤، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله، رقم: ١٦٠) .
(٤) تقدمت ترجمته ص: ١٠٠

<<  <   >  >>