للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحمد لله الذي أرسل إلينا رسولا من أنفسنا، يتلو علينا آيات الله ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة ن وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، والدنيا كلها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة، وأسس بنيانه عليها، ولا بقاء لأهل الأرض إلا ما دامت آثار الرسل موجودة فيهم، فإذا دَرسَتْ آثار الرسل من الأرض، وانمحت بالكلية، خرب الله العالم العلوي والسفلي، وأقام القيامة، وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسول كحاجتهم إلى الشمس والقمر والرياح والمطر، ولا كحاجة الإنسان إلى حياته، ولا كحاجة العين إلى ضوئها، والجسم إلى الطعام والشراب؛ بل أعظم من ذلك وأشد حاجة من كل ما يقدر ويخطر بالبال، فالرسل وسائط بين الله وبين خلقه في أمره ونهيه، وهم السفراء بينه وبين عباده، وكان خاتمهم وسيدهم وأكرمهم على ربه محمد بن عبد الله، يقول: " يا أيها الناس إنما أنا رحمةً مهداة " وقال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (وقال صلوات الله وسلامه عليه: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب» (١) وهذا المقت كان لعدم هدايتهم بالرسل. أهـ) (٢) .

لذلك كان من يعرض عن دين الله ويحكم أي شيء آخر، فإنما هو متبع لهواه:

قال سبحانه: (فَإِن لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:٥٠] ؛ يعني لا أحد أضل ممن اتبع هواه.

وقال جل جلاله: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم


(١) أخرجه الدرامي عن أبي صالح مرسلاً (المقدمة، باب كيف كان أول شأن النبى رقم ١٥٠)
(٢) فتاوى ابن تيمية (١٩/٩٣-١٠١) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>