المماليك، والجار، وأداء الحقوق، وإخلاص العمل لله، والتوكل عليه، والاستعانة به، والرضا بمواقع القدر به، والتسليم لحكمه، والانقياد لأمره، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، وخشيته في الغيب والشهادة، والتقوى إليه بأداء فرائضه واجتناب محارمه، واحتساب الثواب، عنده وتصديقه وتصديق رسله في كل ما أخبروا به، وطاعته في كل ما أمروا به مما هو نفع وصلاح للعبد في دنياه وآخرته وفى ضد ذلك شقاوته ومضرته فى دنياه وآخرته، ولولا الرسالة لم يهتد العقل إلى تفاصيل النافع والضار في المعاش والمعاد، فمن أعظم نعم الله على عباده وأشرف منة عليهم، أن أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبين لهم الصراط المستقيم، ولولا ذلك لكانوا بمنزلة الأنعام والبهائم، بل أشر حالا منها، فمَنْ قَبِلَ رسالة الله واستقام عليها، فهو من خير البرية، ومَنْ رَدَّها وخرج عنها فهو من شر البرية، وأسوأ حالا من الكلب والخنزير والحيوان البهيم، وفى الصحيح من حديث أبى موسى رضى الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكانَتْ مِنهَا طَائِفَة قَبِلَتْ الماءَ فأنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكثيرَ، وكان منها أجادِبِ أَمْسَكَتِ الماءَ فنَفَعَ اللهُ
بها النَّاسَ، فشربوا منها وانتفعوا وزرعوا، وأصابَ طائفةً منها أخرى إنما هي قيِعَانُ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلأ، فذلك مثل من فَقِهَ في دِينِ اللهِ تعالى ونَفَعَه ما بعثني اللهُ به، فعَلِمَ وعَلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يَقْبَل هُدَى الله الذي أُرْسِلْتُ به» متفق على صحته.