للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفن في جميع صفاته، لذلك فلا يلزم أن تكون كل قصة يذكرها القرآن قصة واقعية، ثم بعد ذلك أخذ يقرر هذه الدعوى بأن الكثير من القصص القرآنية ليست صحيحة تاريخا , بل التاريخ يخالفها.

وقد طرح خلف الله كلامه بكل جرأة , حتى إنه لم يجد ضيرا أن يقول ما قال الكفار {حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين} [الأنعام:٢٥]

قال خلف الله: (إنا لا نتحرج من القول بأن القرآن أساطير) (١) .

وقال: (أصبح العقل الإسلامي غير ملزم بالإيمان برأي معين في هذه الأخبار الواردة في القصص القرآني؛ وذلك لأنها لم تُبلغ على أنها دين يتبع ... ومن هنا يصبح من حق العقل البشري أن يهمل هذه الأخبار , أو يجهلها , أو يخالف فيها , أو ينكرها) (٢) . ثم لم يقتصر على ذلك حتى قال: (ومن هنا يصبح من حقنا، أو من حق القرآن علينا، أن نفسح المجال أمام العقل ليبحث ويدقق، وليس عليه من بأس في أن ينتهي من هذه البحوث إلى ما يخالف هذه المسائل، ولن تكون مخالفة لما أراده الله أو لما قصد إليه القرآن؛ لأن الله لم يرد تعليمنا التاريخ، ولأن القصص القرآني لم يقصد إلا إلى الموعظة والعبرة , وما شابهها من مقاصد وأغراض، إن المخالفة هنا لن تكون إلا مخالفة لما تتصوره البيئة ولما تعرفه عن التاريخ، ولم يقل قائل بأن ما تعرفه البيئة العربية عن التاريخ هو الحق والصدق، ولم يقل بأن المخالفة لما في أدمغة العرب من صور عن التاريخ هي الكفر


(١) "الفن القصصي في القرآن الكريم "، لمحمد خلف الله (ص:٢٠٩) .
(٢) المرجع السابق ص:٧٤.

<<  <   >  >>