للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاضرون جمعاً قليلين، فالسامعون لذلك الكلام كان جمعاً قليلاً، ولا يبعد في مثله التواطؤ على الإخفاء.، وقال: والجواب أن تواريخ موسى وفرعون قد طال العهد بها، واضطربت الأحوال والأدوار , فلم يبق على كلام أهل التاريخ اعتماد في هذا الباب، فكان الأخذ بقول الله تعالى أولى) (١) .

٥- (إن عدم تسجيل التاريخ البشري لواقعة تكلم عيسى في المهد لا يعتبر دليلاً قاطعاً لعدم حدوث ذلك، حتى يدعي أحد تكذيب القرآن في الإخبار به، ويصح ادعاؤه.

أما فيما يتصل بالتواريخ البشرية , فمما لاشك فيه أنها أهملت تسجيل كثير من الأحداث الفردية - مهما تكن أهميتها في ذاتها - حيث لم يتوفر لها من الشهادة الصادقة , وتوفر سبل الإذاعة، والنقل , والبقاء على مر العصور ما يكفل لها ذلك.

إذ يكفي أن تنقطع حلقة في هذه السلسة لتصبح الواقعة في حكم المجهول من الأجيال التالية، وعلى العكس من ذلك , فإن بعض الأوهام الكاذبة في ذاتها , قد يتوفر لها من ظروف إيمان بعض الناس بصحتها - بناء على بعض الشواهد والظواهر الخادعة - وتسجيلهم لها، ثم رعايتها بظروف تضمن إذاعتها وانتقالها عبر الأجيال - ما يجعلها تدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وهي في أصلها أسطورة كاذبة لا نصيب لها من الحق. وقد تلعب يد التحريف والتجهيل والتعمية ببعض جوانب واقعة صحيحة في أصلها , فإذا بها قد جمعت في نهاية الأمر بين الحق والباطل في قصة واحدة ,هذا معروف مسجل عن أوهام التواريخ


(١) مدخل إلى علم التفسير (ص:٢١٣) و (ص:٢١٧) .

<<  <   >  >>