للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ( [النحل: ٤٨-٤٩] وقوله: {والنجم والشجر يسجدان} [الرحمن: ٦] وقوله: {الم تر ان الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} [النور: ٤١] وقوله {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهم وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً} [الإسراء: ٤٤] ... فما العجب بعد هذا كله أن بكون الهدهد من جند سليمان - عليه السلام - عارفاً لوجوب السجود لله تعالى وحده منكراً السجود لغيره؟

إن القضية - فيما نري قضية إخبار عن الغيب لا تصل معرفة البشر التجريبية أو العقلية إلى شيء يستند إليه إنكار هذا الإخبار الذي يجاوز حدود هذه المعرفة، فالمؤمنون بالغيب وبصدق الوحي القرآني يؤمنون به، والمكذبون ينكرون بكل ما لا يقع منهم تحت حس مباشر أو تجربة مادية، لكنهم في مثل هذه القضايا الغيبية لا مستند لهم في إنكارهم إلا محض الشك والتكذيب وقياس الغائب على الشاهد وتحكيم عقولهم القاصرة فيما هو من علم الغيب، ... ولسنا نملك لهؤلاء وسيلة تحملهم على الإيمان بالغيب وعدم قياس الأمور فيه على علم الشهادة البشرية. {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الأخرة عذاب عظيم} [المائدة: ٤١] .

.... وبهذا يتبين لنا أنه ليس فيما ورد من قصة سليمان في سورة النمل ما يطعن في صحة شيء مما ورد في القرآن الكريم) (١) .

وقد ذكر خلف الله طعونا أخرى لكنها لا تدخل في موضوع (دعوى معارضة القرآن للحقائق التاريخية) ، لذلك لم أذكرها، وإن كان من رد على خلف الله ذكرها؛ لأني لا أرد على كتاب خلف الله، بل أرد على من زعم هذه الدعوى، وأغلب إشكالاته من باب تعارض


(١) مدخل إلى علم التفسير (ص:٢٣٦) .

<<  <   >  >>