رميت كسبا. وقيل: إن الرمي يشتمل على القبض والإرسال وهما بكسب الرامي، وعلى التبليغ والإصابة وهما بفعل الله عز وجل؛ قال ابن جرير الطبري: وهي الدليل على أن الله خالق لأفعال العباد؛ فإن الله تعالى أضافه إلى نبيه ثم نفاه عنه، وذلك فعل واحد؛ لأنه من الله تعالى التوصيل إليهم ومن نبيه بالحذف والإرسال، وإذا ثبت هذا لزم مثله في سائر أفعال العباد المكتسبة، فمن الله تعالى الإنشاء والإيجاد، ومن الخلق الاكتساب بالقوى.
ومثله قوله تعالى:{الرجال قوامون على النساء}[النساء: ٣٤] وقال تعالى: {وقوموا لله قانتين}[البقرة: ٢٣٨] فقيام الانتصاب لا ينافي القيام بالأمر لاختلاف جهتي الفعل.
الرابع: الاختلاف في الحقيقة والمجاز:
كقوله:{وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}[الحج: ٢]{ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت}[إبراهيم: ١٧] وهو يرجع لقول المناطقة: الاختلاف بالإضافة. أي وترى الناس سكارى بالإضافة إلى أهوال القيامة مجازا، وما هم بسكارى بالإضافة إلى الخمر حقيقة.
ومثله في الاعتبارين قوله تعالى:{آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين}[البقرة:٨] وقوله: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}[الأنفال: ٢١] ، وقوله تعالى:{وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون}[الأعراف: ١٩٨] ، فإنه لا يلزم من نفي النظر نفي الإبصار، لجواز قولهم: نظرت إليه فلم أبصره.