وهو الجامع للمفترقات، كقوله:{فبصرك اليوم حديد}[ق: ٢٢] وقال: {خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي}[الشورى: ٤٥] ، قال قطرب:(فبصرك (: أي علمك ومعرفتك بها قوية، من قولهم: بصر بكذا وكذا. أي علم، وليس المراد رؤية العين، قال الفارسي: ويدل على ذلك قوله: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم الحديد (وصف البصر بالحدة.
وكقوله تعالى:{وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك}[الأعراف: ١٢٧] مع قوله: {أنا ربكم الأعلى}[النازعات: ٢٤] ؛ فقيل: يجوز أن يكون معناه: ويذرك وآلهتك إن ساغ لهم، ويكون إضافة الآلهة إليه ملكا كان يعبد في دين قومه، ثم يدعوهم إلى أن يكون هو الأعلى، كما تقول العرب موالي من فوق وموالي من أسفل، فيكون اعتقادهم في الآلهة مع فرعون أنها مملوكة له، فيحسن قولهم: (وآلهتك ((١) ، وقوله تعالى:{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله}[الرعد: ٢٨] مع قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}[الأنفال: ٢] فقد يظن أن الوجل خلاف الطمأنينة؛ وجوابه أن الطمأنينة إنما تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد، والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى، فتوجل القلوب لذلك، وقد جمع بينهما في قوله:{تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}[الزمر: ٢٣] فإن هؤلاء قد سكنت نفوسهم إلى معتقدهم، ووثقوا به، فانتفى عنهم الشك.
(١) وقيل إن معنى (آلهتك) إلاهتك أي عبادتك، انظر: تفسير ابن كثير (٢/٢٣٩) .