للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العامَّة (أهل السُّنَّة) بالتَّقيّة (١)

ولذا يقولون: عليكم بالتَّقيّة؛ فإنه ليس منا من لم يجعل شعاره ودثاره مع من يأمنه

لتكون سجيته مع من يحذره. يعني من (أهل السُّنَّة)، (٢)

ومما يؤكد شيوع ذلك عندهم ما رواه -الكليني (ت: ٣٢٩ هـ) - في " الكافي":

عن أبي عبد الله أنه قال: خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم بالجوانية. (٣) وهم يعنون بذلك (أهل السُّنَّة) قطعًا.

ويقولون أيضًا: خالطوا الناس (أهل السُّنَّة)، بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم. (٤) ولاشك أن هذا هو النفاق بعينه.

والرافضة في البلاد التي يكثر فيها سواد أهل السُّنَّة يتعاملون بهذه العقيدة الباطنية

لأن ولاءهم لسادتهم الشِّيعة الإمامية في إيران.

وذلك- لارتباط التشيّع بإيران (٥) منذ خمسة قرون، وبالتحديد منذ نشوء الدولة الصفوية سنة (١٥٠١ - ١٧٣٦ م)، ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا أصبح الشيعة في العالم الإسلامي والعربي تبعًا لإيران سياسيًا ومذهبيًا، ولقد توالى على حكم إيران خلال خمسة قرون عدة دول شيعية؛ فمن بعد الدولة الصفوية جاءت الدولة الأفشارية (١٧٣٦ - ١٧٩٦ م) بقيادة نادر شاه، فالدولة القاجارية (١٧٩٤ - ١٩٢٥ م)، ثم الدولة البهلوية (١٩٢٥ - ١٩٧٩ م)، ودولة الخميني ١٩٧٩ م ليومنا هذا الموسومة زورًا وبهتانًا بـ (الجمهورية الإسلامية الإيرانية). (٦)

أما عن صلاتهم تقيّة خلف أهل السنة فيقول صاحب بحار الأنوار:

من صلى خلف المنافقين (أهل السُّنة) تقيّة كمن صلى خلف الأئمة. (٧)

قال الطوسي في "تلخيص الشافي"، عن أبي عبدالله أنه قال:

من صلَّى معهم (أهل السُّنة) في الصفِّ الأول، فكأنَّما صلى مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الصف الأول. (٨)

وأن من صلى معهم غفر له بعدد من خالفه، وأنه يحسب للمصلي معهم ما يحسب لمن صلى مع من يقتدى به (٩)، وأن من يحضر صلاتهم كالشاهر سيفه في سبيل الله تعالى، وأن رسول الله - صلى الله عليه وآله- أنكحهم (١٠)، وعليٌ صلى خلفهم، والحسن والحسين صليا خلف مروان، وأن من صلى معهم خرج بحسناتهم، وألقى عليهم ذنوبه، وأن الصلاة معهم بخمس وعشرين صلاة، وأن الإمامية مأمورون بأن لا يحملوا الناس على أكتافهم، بل يعودون مرضاهم ويشيعون جنائزهم ويصلون معهم، وإن استطاعوا أن يكونوا أئمتهم أو المؤذنين فعلوا، وأن الإمامية أحق بمساجدهم منهم. (١١)

بل إن التَّقيّة تجري عندهم حتى وإن لم يوجد ما يبررها، فأخبارهم تحث


(١) - وسائل الشيعة، للحر العاملي: ١١/ ٤٧٠.
(٢) أمالي الطوسي: ١/ ٢٨٧، بحار الأنوار: ٧٢/ ٣٩٥.
(٣) الكافي: (٢/ ١٧٥)، المؤلف: محمد بن يعقوب الكليني (ت: ٣٢٩ هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، ش المطبعة: حيدري، الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران - إيران، نهض بمشروعه محمد الآخوندي، سنة الطبع: ١٣٦٣ ش، عدد الأجزاء: ١٥.
(٤) - مجالس المفيد: ٨٥، بحار الأنوار: ٧٢/ ٤١٠.
(٥) - إيران كانت تسمّى "فارس" وشاه إيران رضا شاه بهلوي حوّل اسمها سنة ١٩٣٥ م إلى "إيران".
(٦) - حقائق مغمورة وأوهام منثورة، عبد العزيز بن صالح المحمود - باحث عراقي،
الراصد: سلسلة الكترونية شهرية متخصصة بشؤون الفرق من منظور أهل السنة، العدد مائة وسبعة - جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ. بتصرف يسير.
(٧) بحار الأنوار ٧٢/ ٤١٢.
(٨) - تلخيص الشافي، للطوسي: ٤/ ١٣١.
(٩) -المقتدى به في نحلتهم هو من يدعون إمامته، وهو مهديهم الغائب منذ سنة ٢٦٠ هـ إلى اليوم، والذي لا حقيقة له إلا في خيالاتهم، وأساطير معمميهم.
(١٠) يشير بذلك إلى تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم - رضي الله عنهما - لعثمان رضي الله عنه، وأن ذلك وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التَّقيّة بزعمهم، كما قالوا مثل ذلك في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه زوج ابنته أم كلثوم لعمر رضي الله عنه على سبيل التَّقيّة، كما أنه بايع بزعمهم أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم تقيّة، وجاهد معهم وصلى خلفهم ولم يخالفهم في شيء تقية، فما الحيلة مع من هذه عقيدته؟!.
(١١) - كشف الغطاء: (١/ ٢٦٥).

<<  <   >  >>