للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممثلة في القراءات التي نقلت الينا نقلا صحيحا، أجد سؤالا يفرض نفسه وهو ما السبب في تعدد القراءات؟

أقول: ان هذا السؤال لا غرابة فيه، بل هو سؤال وجيه يمليه الفكر الذي يحب ان يقف دائما على علة الأشياء، ويحب ان يتعرف على حكمتها كلما تيسر له ذلك.

وان من ينعم النظر في الأحاديث المتقدمة، ويعرف طبيعة الأمة العربية، ذات القبائل المتعددة، واللهجات المتغايرة، يستطيع ان يتوصل من خلال ذلك الى عدة أشياء تعتبر بلا شك سببا موجبا الى أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم الله عز وجل ان ينزل عليه «القرآن» بأكثر من حرف حتى وصل الى سبعة احرف. وانني سأحاول هنا ان اقتبس من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأسباب التي من اجلها أنزل «القرآن» على سبعة احرف.

ولست أدعي أن ما اقوله هو كل هذه الأسباب، بل هو بعضها، والمجال لم يزل مفتوحا امام كل مفكر، وكل ذي عقل سليم.

واخالني استطيع ان اوجز هذه الاسباب. «في إرادة التخفيف والتيسير على الأمة».

تمشيا مع قول الله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١) يتجلى ذلك من

قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الثالث: «يا أبيّ أن ربي أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت اليه ان هون على أمتي» الخ.

وقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية عن «أبي بن كعب»: أتاني «جبريل» فقال: اقرأ «القرآن» على حرف واحد، فقلت: «ان أمتي لا تستطيع ذلك» حتى قال:

«اقرأ على سبعة احرف».


(١) سورة القمر الآية ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>