للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فان قيل: لماذا لا يكون وجه النصب على تقدير إضمار «أن» بعد الفاء المسبوقة بلفظ الأمر وهو «كن»؟

أقول: لأن «كن» ليس بأمر، انما معناه الخبر، اذ ليس ثم مأمور يكون «كن» أمرا له.

والمعنى: فانما يقول: كن فيكون فهو يكون، ويدل على أن «فيكون» ليس بجواب «لكن» أن الجواب بالقاء مضارع به الشرط، والى معناه يؤول في التقدير، فاذا قلت: اذهب فأكرمك، فمعناه:

ان تذهب فأكرمك.

ولا يجوز أن تقول: اذهب فتذهب، لأن المعنى يصير: «ان تذهب تذهب وهذا لا معنى له وكذلك «كن فيكون» يؤول معناه اذا جعلت «فيكون» جوابا أن تقول له: «أن يكون فيكون» ولا معنى لهذا، لأنه قد اتفق فيه الفاعلان، لأن الضمير الذي في «كن» وفي «يكون» «الشيء» ولو اختلفا لجاز، كقولك: «اخرج فأحسن اليك»، أي

ان تخرج أحسنت اليك، ولو قلت: «قم فتقوم» لم يحسن، اذ لا فائدة فيه، لأن الفاعلين واحد، ويصير التقدير: «ان تقم تقم» فالنصب في هذا على الجواب بعيد عن المعنى.

وقال «الصبان»: «انما لم يجعل منصوبا في جواب «كن» لأنه ليس هناك قول «كن» حقيقة، بل هو كناية عن تعلق القدرة تنجيزا بوجود الشيء، ولما سيأتي عن «ابن هشام» من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل، بل لا بد من اختلافهما فيهما أو في أحدهما، فلا يقال: «قم تقم».

وبعضهم جعله منصوبا في جوابه نظرا الى وجود الصيغة في هذه الصورة، ويرده ما ذكرناه عن «ابن هشام» أهـ (١).

وقرأ الباقون بالرفع في «فيكون» في المواضع الست، وذلك على


(١) انظر: حاشية الصبان على الأشموني ج ٣ ص ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>