للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت وفاة خديجة في العام نفسه، لذلك سمي العام العاشر من البعثة عام الحزن. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب).

ولم يكن بقدرة العباس رضي الله عنه أن يفعل فعل أبي طالب، إذ ليس له من المهابة والطاعة والمكانة ما كان لأخيه. وفي لحظة عابرة تحركت النخوة في رأس عدو الله أبي لهب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا ابن أخي، وما كنت تصنعه وأبو طالب حي فاصنعه.

وكان لهذا الموقف وقع الصاعقة على قريش فشرعت بذكائها لتدمير هذا الحلف، ونجحت أيما نجاح عندما أوعزت إلى أبي لهب أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد المطلب.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين، والموقف حرج جدا، فإما أن تستمر الحماية مقابل مهادنة بكلمة واحدة في دين الله ومساومة .. وإما أن تنهار الحماية كلها لو تحدث عن عبد المطلب بما لا يرضيهم. وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يساوم على حساب العقيدة، ولو كان في ذلك حمايته ليبلغ هذه العقيدة ... فقال لعمه أبي لهب: هو في النار. فقال أبو لهب: ما زلت عدوا لك أبدا. وعاد فانضم إلى معسكر قريش.

وأمام هذا التطور انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مكة لم تعد مكانا آمنا لتبليغ الدعوة. وبدأ يبحث عن مكان آخر. واختار ثقيفا في الطائف. وقد ذكر المقريزي أن ثقيفا كانوا أخواله. ولا ندري على أي شيء اعتمد في هذا.

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل الطائف عشرة أيام لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه. فقالوا: اخرج من بلادنا. وأغروا به سفهاءهم. فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به.

<<  <   >  >>