للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى اجتمع عليه الناس فوقفوا له سماطين (أي صفين) وجعلوا يرمونه بالحجارة. ورجموا عراقيبه حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه .. وكان هذا في شوال سنة عشر من النبوة (١).

عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم متجها إلى مكة. فقال له زيد بن حارثة وقد أقام بنخلة أياما: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟ (يعني قريشا) قال: يا زيد، إن الله تعالى جاعل لما ترى فرجا ومخرجا. وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه.

وسار صلى الله عليه وسلم حتى إذا دنا من مكة مكث بحراء، وبعث رجلا من خزاعة إلى الأخنس بن شريق ليجيره. فقال: أنا حليف والحليف لا يجير. فبعث إلى سهيل بن عمرو. فقال سهيل: إن بني عامر لا تجير على بني كعب. فبعث إلى المطعم بن عدي: أأدخل في جوارك؟ قال: نعم. ثم تسلح ودعا بنيه وقومه فقال: البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمدا. ثم بعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ادخل فدخل صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام. فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى: يا معشر قريش إني قد أجرت محمدا فلا يهيجه أحد منكم. وانتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه، وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته ومطعم وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته.

وقيل: إن أبا جهل سأل مطعما: أمجير أنت أم متابع؟ قال: بل مجير. قال: قد أجرنا من أجرت.


(١) الرحيق المختوم للمباركفوري.

<<  <   >  >>