ولنستعرض هؤلاء الثلاثة الذين استجارهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
ـ[أولهم]ـ: الأخنس بن شريق زعيم بني زهرة. وهؤلاء أخوال الرسول صلى الله عليه وسلم. والأخنس حليف بني هاشم. ولا بد لمن يجير أن يكون أصلا لا تابعا حسب قوانين الإجارة المكية.
وـ[ثانيهم]ـ: سهيل بن عمرو، وقد رفض الإجارة لأن بني عامر لا تجير على بني كعب، فلعلها أدنى منها نسبا. فكان لا بد من العودة إلي بني عبد مناف، فكان اللجوء إلى ثالثهم المطعم. والمطعم ممن قام بنقض الصحيفة، وممن تحسن موقفه بعد تقريع أبي طالب له، وهو زعيم بني نوفل بن عبد مناف. وإنه وإن كان جزءا من حلف المطيبين، فهو على مستوى واحد مع بني هاشم وبني عبد شمس وبني هاشم وبني المطلب.
ولم تكن هذه الإجارة مع ذلك بالأمر السهل، فلقد تحسب لها المطعم على أنها قد تجر إلى معركة، فعبأ ولده وقومه، وحضروا بسلاحهم إلى الكعبة، وكانت تظاهرة مسلحة مثيرة، فرضت الرعب في صفوف قريش، واضطرت أبا جهل لقبولها.
وقد حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصنيع للمطعم بن عدي، وعرف مدى الخطورة التي عرض نفسه وولده وقومه لها من أجله، فقال عن أسارى بدر السبعين يوم أسرهم: لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء لتركتهم له.
فرغم العداء الفكري فرسول الله صلى الله عليه وسلم يفرق بين من يعادي هذه العقيدة ويحاربها، ومن يناصرها ويسالمها. إنهم وإن كانوا كفارا فليس من سمة النبوة أن تتنكر للجميل.
على أن هذا الحلف كان ضعيفا. لم تكن مهمته تحمل المسؤوليات الناجمة