للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه؟ فقال النعمان بن شريك: اللهم لك ذلك، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (١).

ثم نهض النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي أبي بكر فقال: يا أبا بكر، يا أبا حسن، أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها، بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم.

قال ثم دفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا النبى صلى الله عليه وسلم وكانوا صدقا صبرا. هـ.

إن من نعمة الله علينا أن نجد بين أيدينا نصوصا عن أحلاف لم تتم، لأنها تكون هادية لنا على الطريق نتعرف من خلالها على ما يحل لنا وما لا يحل في مجال المعاهدات والأحلاف السياسية. ولو لم تتعثر هذه المباحثات، لم نتعرف على حدود الحركة السياسية النبوية التي نتوخى من خلالها حدود حركتنا اليوم.

أما المحادثة الأولى مع بني عامر بن صعصة، فقد تعثرت لسبب واحد هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعدهم بأن يكون لهم الحكم من بعده. وهي التي جعلتهم يرفضون إيواءه ونصره كما قال زعيمهم بحيرة بن فراس: أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟ لا حاجة لنا بأمرك.

إنه لا بد من التفريق بين الأمر الواقع وبين إقرار المسلمين به وموافقتهم عليه. وأن يكون باسم الإسلام بعد ذلك. وليست القضية حكم أشخاص بذواتهم وأعيانهم في الإسلام. إنما هي حكم من ينفذون شريعة الله، وعندما


(١) - الأحزاب - ٤٥ - ٤٦

<<  <   >  >>