للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدخل الناس في دين الله، ويحقق الله تعالى موعوده بالنصر فلا يحق لفئة مشركة أن تتسلط على الحكم والسلطة بحكم أنها كانت تناصر هذه الدعوة وتساندها. وكثيرا ما تواجه الحركة الإسلامية أثناء مسارها الطويل بفريق أو فئة أو دولة تساندها وتحالفها لفترة مؤقتة. وتشترط عليها لإيصالها للحكم أو مساعدتها في ذلك أن تكون شريكتها في السلطة، فيحكم الأرض بوقت واحد إسلام وجاهلية أو تعاقب بين إسلام وجاهلية باسم العقد أو الحلف وهذا مرفوض في الميزان الإسلامي.

يمكن للحركة الإسلامية أن تقبل حماية من مشرك في حالة ضعفها وعدم تمكنها. ولكن أن تعطي هذا العدو الحق في أن يسود ويحكم باسمها ومن ورائها ويستغلها مطية لمآربه فهذا مرفوض في الميزان الإسلامي.

وماذا نجد في المحادثات الثانية مع بني شيبان بن ثعلبة؟

لقد ابتدأ أبو بكر رضي الله عنه المفاوضات بعد أن عرف أنه مع زعماء بني شيبان لقد سأل عن العدد وعن المنعة وعن الحرب. وتوسم الصدق في الجواب من القوم فكان العدد يزيد عن الألف وكانت الحمية متوفرة، والاستعداد للقتال قائما، كما قال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضبا لحين نلق، وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله.

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد المنعة، فها هنا مكانها. وقريش لا تزيد عن الألف، ولقد أوعبت ألفا في بدر ولكن المفاوضات دخلت حلقة جديدة فلقد كان مفروق من الذكاء واللباقة ما جعله يكتشف من خلال الأسئلة أن السائل أخو قريش وصاحب مكة. وكان من العقل والحكمة بحيث تجاهل كل الأراجيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر أو

<<  <   >  >>