واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية الجامعة المانعة الفذة:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(١).
وبذلك عرضت القيم الأخلاقية والسياسية الإسلامية. فقال مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.
فلقد صدق مفروق مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه لا يستطيع أن يقطع في هذا الأمر فأحال الأمر إلى شيخهم وصاحب دينهم هانئ بن قبيصة. ولعل هانئا لم يجرؤ على اتخاذ خطوة حاسمة في أمر الإسلام أو أنه كان مقتنعا بدين الجاهلية أكثر من غيره، فتفلت من الأمر وأجله وسوف فيه وتذرع بالحكمة دون العجلة. وبذلك انتهت الخطوة الأولى دون طائل.
وآلم مفروقا هذا الموقف. وأحال هانئ الكلام على المثنى شيخهم وصاحب حربهم. ولا شك أن المثنى من ظاهر حديثه يبدو أنه قد تأثر بموقف النبي صلى الله عليه وسلم، وحاول أن يقطع فيما هو من اختصاصه، وقدم صورة كاملة في مجال الحماية ولخص الموقف بقوله: فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا. وذلك بعد أن أشار إلى أن هذه الدعوة والرسالة مما يكرهها الملوك.
وكان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم للقوم في منتهى الحكمة والحصافة وبمنتهى الوضوح كذلك: ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق. فإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه.
وبذلك انتهت المفاوضات دون تحالف، لأن بني شيبان قدموا الحماية