والقدرات والإمكانات المتاحة، وكيف تغلغل الإسلام في جميع قطاعات الأوس والخزرج، وأن القوم جاهزون لبيعة جديدة قادرة على حماية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنعته.
٨ - واستجابت إرادة الله تعالى وأذن للمسلمين بالقتال. فخطوات بناء الدولة المسلمة لا تتم إلا بعد بناء قاعدتها الصلبة. يقول ابن اسحاق:(وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب، ولم تحلل له الدماء، إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى، والصفح عن الجاهل، وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم، ونفوهم من بلادهم، فهم بين مفتون في دينه، وهم بين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد فرارا منهم، ومنهم بأرض الحبشة ومنهم من بالمدينة وفي كل وجه، فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم، وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه. أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم. فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب وإحلاله له الدماء والقتال، فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء قول الله تبارك وتعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (*) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (*) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (١) أي إني إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظلموا ولم يكن لهم