للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الليل جيئة أو ذهابا، أما كان بإمكانه أن يدلي بشهادته؟ ولكنها السرية العجيبة التي تدعو أمم الأرض ليتعلموها من هؤلاء المتبايعين.

ونحن بدورنا مدعوون كذلك لنتعلم السياسة والحرب، والسرية والشجاعة والانضباط والكتمان من هؤلاء المتبايعين. وكم هو واجب ثقيل أن نربي الصف كله على ذلك.

١٦ - وبعد أن فات الركب وانفض الحجيج تأكد لاستخبارات مكة صحة الخبر، فراحت تطارد المسلمين في المدينة كالمعتوهة إلى أن قبضت على سيد من سادات الخزرج سعد بن عبادة، وعجزت عن القبض على الآخر.

وتدخلت قوانين الجاهلية لحمايته، ولعل الذي دعا لتنفيذ هذا القانون أحد المسلمين فهو الذي ذكر سعدا بحلفائه من قريش: الحارث بن حرب، وجبير بن مطعم. فجاءا على عجل وأجاراه وهما يمثلان فرعي عبد مناف. نوفل وعبد شمس. أما لو ترك الأمر لقريش فليس إمامها إلا قتله. كما قال ضرار بن الخطاب بن مرداس شاعر قريش:

تداركت سعدا عنوة فأسرته ... وكان شفائي لو تداركت منذرا

ولو نلته طلت دماء جراحه ... وكان حقيقا أن يهان ويهدرا

لقد أمسكت قريش بفتيل الثورة الإسلامية الذي أوشك على الانفجار وابتدأت شجارا خفيفا في حبس سعد عنوة وكان من الممكن أن يقع صدام فعلي عندما تأخر سعد وهم المسلمون بالعودة للبحث عنه فحال حلفه السياسي مع الحارث وجبير دون ذلك.

وانطلقت بوادر الحرب الإعلامية بين الفريقين فأجاب حسان ضرارا:

فلست إلى سعد ولا المرء منذر ... إذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا

فلا تك كالشاة التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا

<<  <   >  >>