للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الانطلاقة العشرون]

اليأس عدو قاتل للدعوة إلى الله عز وجل، بل هو من أشد أعدائها، وقد قام الأنبياء والمرسلون بالدعوة إلى الله عز وجل دون كلل وملل، المرة تلو الأخرى ... هذا نوح عليه السلام له القدح المعلى في ذلك، سنوات طويلة وهو صابر محتسب قائم بأمر الدعوة قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: ١٤].

لله دره على عظيم صبره في الدعوة ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به إلا القليل منهم، وكان كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته، وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه، وصاه فيما بينه وبينه ألا يؤمن بنوح أبدا ما عاش ودائما ما بقي (١).

استنفذ جميع الوسائل وسلك السبل المشروعة في الدعوة قال تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ


(١) قصص الأنبياء لابن كثير (٧٤، ٧٥).

<<  <   >  >>