الدنيا دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان لا ينجو من ضيقها وكدرها إلا من تمسك بحبل الله المتين واعتصم به واحتسب الأجر في مصيبته
وفي هذا الزمن الذي كثر فيه التجزع والتسخط ننطلق لنرى حال من سبقنا إذا حلت بهم المصيبة، وإذا نزل بساحتهم البلاء.
نظر علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عدي بن حاتم كئيبا فقال: يا عدي مالي أراك كئيبا حزينا؟ قال: وما يمنعني وقد قتل أبنائي وفقئت عيني، فقال: يا عدي، من رضي بقضاء الله كان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله حبط عمله (١).
وقدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد وكان من أحسن الناس وجها، فدخل يوما على الوليد في ثياب وش، وله غديرتان، وهو يضرب بيديه، فقال الوليد: هكذا تكون فتيان قريش، فعانه فخرج من عنده متوسنا فوقع في اصطبل الدواب، فلم تزل الدواب تطأه بأرجلها حتى مات.
ثم إن الأكلة وقعت في رجل عروة فبعث إليه الوليد الأطباء فقالوا: إن لم تقطعها سرت إلى باقي الجسد فتهلك، فعزم على قطعها، فنشروها بالمنشار فلما صار المنشار إلى القصبة وضع رأسه على الوسادة ساعة، فغشي عليه، ثم أفاق والعرق يتحدر على