للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قبل أن نعاود المسير]

قال العلامة ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف لما سمع القوم قول الله عز وجل: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} وقوله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل عملا يعجز عنه؛ خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له، فيحزن لفوات سبقه، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها، ثم جاء من بعدهم قوم، فعكسوا الأمر، فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة وحظوظها الفانية

قال الحسن: إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة.

وقال رحمه الله: من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.

وقال وهيب بن الورد: إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل.

وقال بعض السلف: لو أن رجلا سمع برجل أطوع لله منه فانصدع قلبه فمات؛ لم يكن ذلك بعجب.

يا صاح هذا الركب قد سار مسرعًا ... ونحن قعود ما الذي أنت صانع

أترضى بأن تبقى المخلف بعدهم ... صريع الأماني والغرام ينازع

<<  <   >  >>