للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الانطلاقة السابعة والعشرون]

من مقاعد الدراسة دعنا ننطلق لنرى علمين من أعلام المسلمين في رحلتهما لطلب العلم، حيث الرحلة الطويلة المحفوفة بالمخاطر والخوف والعطش والجوع.

كان أبو حاتم الرازي يرتحل في طلب أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماشيا على أقدامه قال وهو يتحدث عنه نفسه: مشيت على قدمي ألف فرسخ ثم تركت العدد. أي أنه مشي خمسة آلاف كيلو متر.

وقد سافر رحمه الله من البحرين إلى مصر، ومن مصر إلى الرملة، ومن الرملة إلى طرطوس على أقدامه وضاقت عليه النفقات مرة في البصرة، فباع ثيابه حتى نفدت وجاع يومين ... (١).

وقد رحل الإمام الحافظ محمد بن طاهر المقدسي في طلب العلم وكان مما قال واصفا حاله أثناء رحلته: بلت الدم في طلبي للحديث مرتين: مرة ببغداد ومرة بمكة، وذلك أني كنت أمشي حافيا في سفري لطلب العلم في شدة الحر وعلى الرمضاء المحرقة، فأثر ذلك في جسدي فبلت دما، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث إلا مرة واحدة، وكنت دائما أحمل كتبي على ظهري في أثناء سفري، حتى استوطنت البلاد ... (٢).

إنها رحلة شاقة لطلب العلم الشرعي الذي قال عنه سفيان


(١) تذكرة الحفاظ (٢/ ٥٦٧) وما بعدها.
(٢) تذكرة الحفاظ (٣/ ١٢٤٣).

<<  <   >  >>