للأخوة في الإسلام معنى عظيم، وهي قربة إلى الله عز وجل وطاعة له، فمحبة المؤمنين ومودتهم ونصرتهم ومؤازرتهم ومواساتهم، كلها ولاء لهم وهي من أعظم أبواب العقيدة.
وحين اختلط الحابل بالنابل وضعفت الأخوة في الله، وانتشرت بين الناس الأنانية وحب الذات، ننطلق لنجول في سكك المدينة ونطلع على حال الصفوة من الرجال الأفذاذ.
قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيني وبين سعد بن الربيع.
فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها فإذا حلت تزوجتها.
فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل سوق فيه تجارة؟
قال: سوق قينقاع.
والقصة فيها فوائد عجيبة أولها: أن سعد بن الربيع رضي الله عنه لم يتعذر بقلة مال أو نفقة، إنما بادر وقال: أنا أكثر الأنصار مالا وهو بهذا يعرض ماله كله دون مواربة ولا خداع، بل محبة ورغبة في نفع أخيه، بل لم يعرض ويقل: إني ذو مال ويسكت، بل ذكر سعة المال وكثرته.