من سنن الله عز وجل الكونية أن لا مهادنة بين الإسلام والكفر ولا التقاء، لكنها مراحل ضعف وانكسار، وإلا فالصراع بين الحق والباطل قائم والمعركة بين الإسلام والكفر دائمة، ولا يزال هذا الدين ترسل له السهام وتصوب إليه الرماح منذ فجر انطلاقته فمنها ما تقعده حينا حتى ينهض، ومنها ما تجرحه حتى يبرأ ونهوضه وبرأه مرهون بمن حمله.
وموجات الكفر العاتية لوأد هذا الدين تتخذ طرقًا متعددة وأشكالاً متفرقة، وكلها ترمي بقوس واحد لقتله وإطفاء نوره، ولقد جرب أهل الكفر جميع الوسائل والطرق وأبلوا في ذلك أكثر البلاء وأشده، ورغم ذلك اشتد عود هذا الدين ونمت دوحته.
دعنا نتأمل هذه الأيام في الحصار الاقتصادي الذي يضرب على أكثر بلاد العالم الإسلامي، فإذا دول الكفر تشد وطأتها على المسلمين حتى هلك الحرث والنسل، ومات المرضى، وتخلف نمو الصغار، وأسقطت الحوامل، وتوقفت الصناعة، وتعطلت الزراعة، وتأخر الاقتصاد، وما أشبه الليلة بالبارحة.
كتبت قريش على بني هاشم وبني عبد المطلب، كتابًا ألا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم، ولا يبيعوا منهم شيئا ولا يبتاعوا منهم، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقتل، فحوصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شعب عامر