من المهم جدًّا أن نفهم الحديث- يعني: ليس في الإسلام ولا في تشريع الله شيء مشتبه لا نفهمه؛ إنما قد يَعِيَ فهمه على غير أهل الاختصاص، وهذا شيء طبيعي، ووجود طائفة من الأمة متخصصة في دراسة العلوم الشرعية هذا الأمر مطلب شرعي، ثابتٌ بالقرآن والسنة، ثابت في قول الله تبارك وتعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}(التوبة: ١٢٢) فهذه الآية طلبت من المؤمنين أن يعملوا على توفّر طائفة متخصّصة في العلوم الشرعية؛ ليرجع الناس إليهم حين يشتبه عليهم أمر من الأمور التي تخصّ أمر دينهم، أو دنياهم.
إذن، لا يؤخذ من الحديث أن في الإسلام مشكلات أو مشتبهات لكن يرجع فيها إلى أهل الاختصاص، والحديث قال:((لا يعلمهنّ كثير من الناس)) إذن هناك قلة تعلمه، أو هناك مجموعة قد تكون أيضًا كثيرة مثل السابقة، لكنهم أهل العلم المتخصصون يعرفون حكمها كما قلت، ويردُّونها إلى قواعدها الشرعية كأن تدخل تحت نص، أو قياس، أو استصحاب، أو غير ذلك.
إذن الأمور التي تتردد بين الحل والحرمة ولم يكن فيها نصّ ولا إجماع، يجتهد المجتهدون الذين يملكون أهل الاجتهاد الحق يُلحقونها بالدليل الشرعي سواء هذا الدليل يفيد الحل أو يفيد الحرمة، وقد يكون هذا الدليل غير خالٍ من الاحتمال، فلا يقطع بسلامة وجهة نظره، وقد يكون الورع ترك هذا الشيء، وبذلك يدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم:((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)).
المقصود من هذا النقاش أن كلمة المشتبهات استعملت في الأحاديث بمعنى الشيء المشكل الذي يصعب فهمه على بعض الناس، وعليهم أن يرجعوا إلى أهل الاختصاص في ذلك.