جاءت مادة شبه أيضًا في السنة المطهرة في أحاديث كثيرة أيضًا بالمعنيين، من ذلك ما رواه البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده إلى أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت:((تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (آل عمران: ٧) إلى آخر الآية، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن تلاها: إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم)).
وهذا الحديث رواه البخاري في كتاب التفسير، باب منه آيات محكمات.
هؤلاء الذين يتتبَّعون المتشابه من القرآن الكريم يريدون أن يناقضوا القرآن ببعضه، يحاولون أن يبينوا أن بعض القرآن وبعضه اعتراضًا أو تضادًا، أو ما شاكل ذلك. هؤلاء في قلوبهم زيغ، والنبي -صلى الله عليه وسلم:((هؤلاء الذين سمى الله)) أي: في قلوبهم زيغ وبُعد عن الحق، واستجابة للهوى وللشيطان، هؤلاء علينا أن نحذرهم، وأن نبتعد عنهم، وألا نكون منهم أبدًا بإذن الله تبارك وتعالى.
أيضًا في حديث النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- وهو الحديث المشهور:((الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهنّ كثير من الناس، فمن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) إلى آخره. هنا كلمة ((المشتبهات)) هذا الحديث رواه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الإيمان باب: فضل من استبرأ لدينه وعرضه، وفي كتاب البيوع في باب الحلال بيّن والحرام بيّن، ورواه الإمام مسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات.
أعتقد هذا نقلًا حتى عن الكتب: أن المشتبهات في الحديث معناها أنها ليست بوضاحة الحل ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثيرٌ من الناس ولا يعرفون حكمها، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((لا يعلمهن كثير من الناس)) لكن العلماء يعرفون حكمها بنصّ أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك.