عند نفسه فقد أخل بضرورة التبليغ، وهذا ليس طعنًا في السنة فحسب، وإنما هو طعن في الرسالة ذاتها، والعياذ بالله.
- أيضًا من الأدلة التي يضيفها فضيلة الشيخ عبد الغني عبد الخالق -رحمه الله تعالى- فهمُ الصحابة للسنة، وتطبيقهم لها، وتمسكهم بها في كل أمور حياتهم:
عشرات الأدلة على أن الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا لا يُقدمون على أمر إلا بعد أن يعرفوا حكم الله -تبارك وتعالى- فيه، وحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه.
هذا الجيل الذي عاصر الوحي وشاهد الوقائع وساهم فيها، وعلم أسباب النزول، وأسباب ورود الأحاديث وما إلى ذلك، فهمه قاضٍ على الأمة كلها، وقد فهم هذا الجيل المبارك الذي هو خير أجيال هذه الأمة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم:((خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) وهو حديث متفق على صحته في الصحيحين في فضائل الصحابة- هذا الجيل أجمع على ألا يفعل شيئًا من أمور الدين أو الدنيا إلا بعد أن يرجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، حتى لو كانوا بعيدين عنه؛ فإنهم ينتظرون إلى حين مجيئهم إليه، قد تقع بعض الأمور بعيدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم في غزو مثلًا، أو وهم في سفر فحين يعودون يذكرون للنبي -صلى الله عليه وسلم- ما حدث، ويعرفون الحكم الشرعي فيه، هذا الإجماع على ذلك الأمر من الصحابة يدلُّ في جلاء ووضوح على أن السنة عندهم حجة لا بدَّ من الرجوع إليها والعمل بها، والاستجابة لأحكامها.
الأمثلة على ذلك أكثر من أن تُحصى، ويكفي أن نشير إلى بعض الأحاديث الصحيحة في هذا الأمر، مثلًا: النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث بعثًا، وأمَّر عليه أميرًا، هذا الأمير كان يصلي بهم، وفي صلاتهم جهرية؛ سواء كان ذلك في صلاة المغرب أو العشاء أو الفجر وهي الصلوات الجهرية، يقرأ بهم الفاتحة ثم يقرأ بهم ما شاء الله