للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكان من العبث استمرار النقاش، لا يصلح أن نتناقش في البدهيات؛ لأن نقاش البدهيات يزيدها غموضًا، وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل! لماذا أقول هذا الكلام؟ لو أنك تصرّ على فهم كلمة "مفصلًا" يعني كل صغيرة وكبيرة، سأعود إليك وأقول: أين صلاة الظهر من القرآن الكريم أربعًا؟ أين العصر؟ أين أين؟ تفصيلات كثيرة، حين تكلمنا عن علاقة السنة بالقرآن الكريم قلنا: إن هناك نوعًا اسمه التفصيل المجمل، أمور كثيرة جدًّا وردت مجملة في القرآن الكريم. واعتمدت في تفصيلها على السنة المطهرة.

يعني مثلًا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة: ٢٧٥) ما هو الربا المحرم؟ الأصناف التي يدخلها، نريد أن نعرف الذهب بالذهب، مِثلًا بمثل، يدًا بيد، سواءً بسواء، "فمن زاد أو استزاد فقد أربى"، هاتِ هذا التفصيل من القرآن الكريم؟! الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والزبيب بالزبيب ... إلى آخر الأصناف المتماثلة التي ذُكرت في روايات الأحاديث، ومنها هذا الحديث وغيره، أين هي في القرآن الكريم؟ أين تفصيلها؟

نما لا بد أن نفهم أن التفصيل والبيان هنا، إنما هو تفصيل الأحكام من خلال قواعدها العامة، أما التفصيل الذي يشمل الجزئيات وأحكامها وما يتعلق بها، فهذا موكول إلى السنة المطهرة، وإلا فما معنى أن يقول الله -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم، وحتى في نفس السورة التي وردت فيها هذه الآية: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} الكتاب بيّن كل شيء من خلال هذه الآية: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: ٤٤) الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يبين للناس ما نزل إليهم، هل الآيتان متعارضتان؟ التعارض لا يكون إلا في ذهن من لا يحسن التعامل مع القرآن الكريم ومع النصوص الشرعية، لا تعارض أبدًا، لم يقل أحد من علماء الأمة الذين يعتد بأقوالهم: أن هذه الآية:

<<  <   >  >>